للمرة الأولى منذ عام 2013، خفضت مؤسسة التصنيف الائتماني "موديز إنفستورز سيرفيس" التصنيف الائتماني لمصر على خلفية تراجع احتياطاتها من النقد الأجنبي، وتراجع قدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية، وانحسار الدعم اللمرة الأولى منذ عام 2013، خفضت مؤسسة التصنيف الائتماني "موديز إنفستورز سيرفيس" التصنيف الائتماني لمصر على خلفية تراجع احتياطاتها من النقد الأجنبي، وتراجع قدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية، وانحسار الدعم الخارجي.
وقالت موديز (مقرها نيويويورك) في 7 فبراير 2023، إنها خفضت تصنيف مصر من B2 إلى B3 وعدلت نظرتها المستقبلية إلى "مستقرة" من "سلبية"، ما يعني أنها لا تتوقع انتعاش السيولة في العاصمة القاهرة أو تحسن وضعها الخارجي سريعا.
وهذا يعني أن وكالات التصنيف الثلاث العالمية الكبرى خفضت تصنيفها للاقتصاد المصري إلى نظرة سلبية، ما يعد مؤشرا على فشل المسار الاقتصادي الذي يسير فيه نظام عبد الفتاح السيسي، وانهيار ثقة المؤسسات المالية فيه.
إذ سبق أن خفضت وكالة "فيتش" تصنيفها لمصر في 8 نوفمبر 2022 بسبب ما وصفته بتزايد جوانب الضعف الخارجي، وقالت إن المزيد من الضغوط قد تؤدي إلى خفض لتصنيف البلاد بحسب وكالة رويترز البريطانية.
أيضا خفضت ستاندرد آند بورز في تصنيفها الأخير يناير 2023 تصنيف مصر عند B مع نظرة مستقبلية مستقرة (أي استمرار استقرار الضعف الاقتصادي لفترة).
التصنيف الائتماني هو مؤشر مرتبط بمدى صلاحية الدولة للحصول على قروض وقدرتها على سداد الديون المستحقة عليها سواء على المدى القصير أو المتوسط أو البعيد.
وكلما تراجع التصنيف الائتماني أدى ذلك لارتفاع الفائدة على القروض لتعويض مخاطر عدم السداد.
لذلك يؤثر التصنيف الائتماني على قدرة الدول للوصول لأسواق الدين العالمية والاقتراض، لأنه يعكس مستوى مخاطر أعلى وقدرة أقل على سداد الديون.
فما دلالات هذا التخفيض من الوكالات الثلاثة لتصنيف مصر؟ وما آثاره على الاقتصاد المصري الذي يعاني حالة اختناق لنقص السيولة والاعتماد على الديون وعزوف دول، آخرها بلدان الخليج، عن تقديم الدعم؟
أسباب التخفيض
لفهم مخاطر التصنيف الجديد، نشير إلى أن الحروف A، B، C التي يجرى استخدامها لتصنيف الدول وفق الجدارة الائتمانية، تبين هل يمكن للدول سداد ما أخذته من قروض أم ستخفق في ذلك؟
الحرف (A) بمشتقاته يعد تقييما للاقتصاديات القوية، و"AAA"، أي أعلى درجات الأمان أو أعلى تصنيف للجدارة الائتمانية.
ويليه التقييم (B)، الذي تبدأ منه مرحلة الخطر كجدارة متوسطة، ثم (C) الذي يعني جدارة ائتمانية عالية المخاطر وعدم القدرة على سداد الديون والانهيار.
وكان تقييم مصر (B2) السابق هو تقييم سيئ ثم هبط الى أسوأ وهو B3، وفي جدول التعريفات الخاص بـ "موديز" يجرى وصف مجموعة B بأنها "ذات التزامات مخاطرها الائتمانية عالية".
أما حرف (C)، الذي ستنزلق مصر له مباشرة لو جرى تخفيض تصنيفها مجددا، فهو سيئ جدا ومحجوز للاقتصاديات المتهالكة مثل السلفادور وأنغولا وموزمبيق، وزعيمة الاقتراض وعدم السداد الأرجنتين، وهو سيناريو تقترب منه القاهرة.
وتخفيض موديز تصنيف مصر يعود إلى تراجع قدرتها على استيعاب الصدمات وانحسار الدعم الخارجي بينما يمر الاقتصاد بتغيرات هيكلية.
واستندت "موديز" في تخفيضها إلى تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي عن مستواه في مايو 2022 وكذلك تراجع صافي الأصول الأجنبية من ناحية أخرى، ما رأته يُزيد من هشاشة الاقتصاد المصري في مواجهة المتغيرات الخارجية.
وصفت الاقتصاد المصري بأنه عرضة للتأثر بالتغيرات الاقتصادية الهشة، وشككت في قدرة الحكومة على إدارة آثار التضخم والاضطرابات المجتمعية.
وقالت "موديز"، إنه على الرغم من الالتزام الواضح بسعر صرف مرن تماما، فإن قدرة الحكومة على إدارة الآثار المترتبة على التضخم والاستقرار الاجتماعي لم تتحقق بعد.
أشارت إلى تراجع احتياطات مصر من النقد الأجنبي (34.224 مليار دولار) بنسبة 16.5 بالمئة على أساس سنوي.
ومحاولة توفيره من الداخل بإصدار شهادات بعائد 25 بالمئة لوقف انخفاض قيمته من بداية عام 2022 من 15 لـ 30 جنيها للدولار الواحد (الدولار = 30,51 جنيه).
ورغم تحسن احتياطي النقد الأجنبي الطفيف لخمسة أشهر متتالية، بلغ العجز في صافي الأصول الأجنبية 494.3 مليار جنيه مقابل فائض قدره عشرة مليارات جنيه في يناير 2022.
ويمثل صافي الأصول الأجنبية الفارق بين الاستحقاقات والالتزامات بالعملة الأجنبية على القطاع المصرفي (البنوك والبنك المركزي).
إذ تمثل زيادة الاستحقاقات عن الالتزامات فائضا، في حين تمثل زيادة الالتزامات عن الاستحقاقات عجزا.
وتشرح موديز أن مصر مطالبة بسداد 20.4 مليار دولار خلال العام المالي 2024، من أصول الديون القائمة عليها والفوائد، و23.2 مليار في 2025، بجانب 26 مليار دولار قروض قصيرة الأجل.
وقد انخفضت الاحتياطيات السائلة إلى 26.7 مليار دولار، من 29.3 مليار دولار منذ أبريل 2022، بينما بلغ صافي الالتزامات الأجنبية 20 مليار دولار، مقارنة بـ 13 مليار دولار، بحسب "موديز".
وخلال افتتاحه مشروع مخابز للجيش في 9 فبراير 2023 قال السيسي: "لدينا فجوة دولارية بين الاحتياج والمتاح، بنحو 30 مليار دولار، ونحتاج لما يقرب من 7 سنوات وتحقيق عوائد صناعية بـ 100 مليار دولار لسد تلك الفجوة".
وبعد 24 ساعة من إعلان تصنيف "موديز" المنخفض أعلن رئيس الوزراء مصطفي مدبولي طرح 32 شركة مملوكة للدولة في البورصة أو لمستثمرين إستراتيجيين، بعدما قال في وقت سابق إنه سيجرى طرح 20 شركة فقط.
وتوقعت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية أن تتجاوز احتياجات مصر التمويلية خلال السنتين الماليتين الحالية والمقبلة 19 مليار دولار، و22.5 مليار دولار على التوالي بحسب موقع "فوربس" 8 فبراير 2023.
ويستثنى من هذا الرقم التزامات الديون الثنائية، التي تبلغ نحو 8 مليارات دولار خلال العام 2023، و6 مليارات دولار في عام 2024، مثل ودائع الحكومات الخليجية، التي رجحت الوكالة أن يجرى جديدها.
ورغم أن إستراتيجية الحكومة ببيع الأصول المملوكة للدولة، والتي ستساعد كجزء من برنامج صندوق النقد الدولي الجديد، في توليد تدفقات رأسمالية لمواجهة مدفوعات خدمة الدين الخارجية المتزايدة خلال 2023، هناك شكوك أن تحل المشكلة.
وكان لافتا أن "موديز" أبدت تخوفها من برنامج "الإصلاح" الذي قدمته الحكومة لصندوق النقد الدولي.
وأكدت أنه حتى ولو جلب النظام لمصري تدفقات دولارية كبيرة تقلل من احتياجها للديون، فهذه الإجراءات "ستستغرق وقتا لتقليل مخاطر الضعف الخارجية في مصر بشكل ملموس".
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية طاحنة بعد هروب الأموال الساخنة بسبب التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية والتي أظهرت فشل إدارة السيسي للاقتصاد.
وانخفض الجنيه لمستوى تخطى 32 جنيها للدولار لأول مرة في تاريخه في 11 يناير 2023 وبعدها تعافى لمستويات بين 29.6 و29.9، ثم بدأ في الانخفاض مجددا ليصل لمستوى 30.55 جنيها للدولار.
وفقد الجنيه المصري قرابة 50 بالمئة من قيمته أمام الدولار خلال عام نتيجة ثلاثة تخفيضات، كان آخرها في يناير 2023.
وأدى انخفاض الجنيه المصري إلى ارتفاع التضخم، الذي وصل إلى أعلى مستوى في خمس سنوات بأكثر من 21 بالمئة في ديسمبر 2022، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل أسرع بنسبة 37 بالمئة، وفق موقع "فوربس".
آثار سلبية
ورأى موقع "بلومبيرغ الشرق" في 8 فبراير 2023 أن تخفيض وكالة موديز تصنيف مصر الائتماني من B2 إلى B3 يعكس 3 متغيرات هي: أولا، انخفاض الهوامش الوقائية الخارجية وقدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات.
وثانيا، انخفاض احتياطيات العملات الأجنبية السائلة منذ تغيير التوقعات إلى سلبية في مايو 2022.
وثالثا، تضاؤل السيولة الوقائية للعملات الأجنبية في النظام النقدي، وزيادة الضعف الخارجي في وقت تتصف فيه الظروف العالمية بأنها هشة.
ويؤكد موقع "انتربرايز" الاقتصادي 8 فبراير 2023 أنه "يمكن أن يشهد تصنيف مصر الائتماني المزيد من التخفيض إذا فشلت تعهدات الإصلاح أو إذا كان هناك تدهور كبير في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة أو الفوائد إلى الإيرادات".
ويري خبراء مال أن التصنيف الائتماني الجديد المنخفض لمصر معناه تخفيض تقييم قدرة النظام على سداد الديون. أما النظرة المستقبلية، فتعني أنه "مستقر"، أي أنه غالبا سيستمر نفس التصنيف (المتراجع) لفترة طويلة.
ويؤثر التصنيف الائتماني على قدرة الدول للوصول لأسواق الدين العالمية والاقتراض لأنه يعكس مستوى مخاطر أعلى وقدرة أقل على سداد الديون، وهو ما يزيد من قيود حصول مصر على قروض جديدة أو حصولها عليها بفائدة أعلى.
وقالت "موديز"، إنها ستنظر في رفع تصنيفها لمصر إذا أدت الإصلاحات الهيكلية إلى تحول نحو نموذج مستدام لتوليد العملات الأجنبية، وزيادة الصادرات غير النفطية وارتفاع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بدعم من التدفقات غير المرتبطة بالديون، وكذلك تحسين المؤشرات المالية.
لكنها بينت أنه "يمكن أن يشهد تصنيف مصر الائتماني المزيد من التخفيض إذا فشلت تعهدات الإصلاح أو إذا كان هناك تدهور كبير في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة أو الفوائد إلى الإيرادات".
ويوضح المحلل الاقتصادي مصطفى عبد السلام معنى "مستقرة" في تقرير موديز برغم تخفيض التصنيف بقوله: التوقع المستقبلي السلبي (وفق تقرير موديز في مايو 2022) معناها أن هناك احتمالية لخفض التصنيف الائتماني في الثلاث شهور القادمة على كتابة التقرير، وهو ما حدث في تصنيف فبراير 2023.
أما "التوقع المستقبلي المستقر" فمعناه أنه الاحتمال الأكبر أنه لا تغيير في التصنيف الائتماني لمدة ثلاثة شهور، أي بقاء تصنيف مصر (B3) ثلاثة شهور على الأقل، بحسب ما قال على حسابه في فيسبوك.
ووصف موقع "المونيتور" الأميركي في 8 فبراير 2023 تخفيض تصنيف مصر بأنه "ضربة أخرى يتعرض الاقتصاد لها" لأن "التصنيفات تشير إلى قدرة الكيانات على سداد التزامات ديونها"، وهو غير مؤكد في حالة القاهرة.
وأوضح أن وكالة موديز لم تخفض تصنيف مصر منذ عام 2013، لذا قد تشير هذه الخطوة إلى انخفاض ثقة المستثمرين الأجانب في المضي قدما في البلاد.
لخارجي.
وقالت موديز (مقرها نيويويورك) في 7 فبراير 2023، إنها خفضت تصنيف مصر من B2 إلى B3 وعدلت نظرتها المستقبلية إلى "مستقرة" من "سلبية"، ما يعني أنها لا تتوقع انتعاش السيولة في العاصمة القاهرة أو تحسن وضعها الخارجي سريعا.
وهذا يعني أن وكالات التصنيف الثلاث العالمية الكبرى خفضت تصنيفها للاقتصاد المصري إلى نظرة سلبية، ما يعد مؤشرا على فشل المسار الاقتصادي الذي يسير فيه نظام عبد الفتاح السيسي، وانهيار ثقة المؤسسات المالية فيه.
إذ سبق أن خفضت وكالة "فيتش" تصنيفها لمصر في 8 نوفمبر 2022 بسبب ما وصفته بتزايد جوانب الضعف الخارجي، وقالت إن المزيد من الضغوط قد تؤدي إلى خفض لتصنيف البلاد بحسب وكالة رويترز البريطانية.
أيضا خفضت ستاندرد آند بورز في تصنيفها الأخير يناير 2023 تصنيف مصر عند B مع نظرة مستقبلية مستقرة (أي استمرار استقرار الضعف الاقتصادي لفترة).
التصنيف الائتماني هو مؤشر مرتبط بمدى صلاحية الدولة للحصول على قروض وقدرتها على سداد الديون المستحقة عليها سواء على المدى القصير أو المتوسط أو البعيد.
وكلما تراجع التصنيف الائتماني أدى ذلك لارتفاع الفائدة على القروض لتعويض مخاطر عدم السداد.
لذلك يؤثر التصنيف الائتماني على قدرة الدول للوصول لأسواق الدين العالمية والاقتراض، لأنه يعكس مستوى مخاطر أعلى وقدرة أقل على سداد الديون.
فما دلالات هذا التخفيض من الوكالات الثلاثة لتصنيف مصر؟ وما آثاره على الاقتصاد المصري الذي يعاني حالة اختناق لنقص السيولة والاعتماد على الديون وعزوف دول، آخرها بلدان الخليج، عن تقديم الدعم؟
أسباب التخفيض
لفهم مخاطر التصنيف الجديد، نشير إلى أن الحروف A، B، C التي يجرى استخدامها لتصنيف الدول وفق الجدارة الائتمانية، تبين هل يمكن للدول سداد ما أخذته من قروض أم ستخفق في ذلك؟
الحرف (A) بمشتقاته يعد تقييما للاقتصاديات القوية، و"AAA"، أي أعلى درجات الأمان أو أعلى تصنيف للجدارة الائتمانية.
ويليه التقييم (B)، الذي تبدأ منه مرحلة الخطر كجدارة متوسطة، ثم (C) الذي يعني جدارة ائتمانية عالية المخاطر وعدم القدرة على سداد الديون والانهيار.
وكان تقييم مصر (B2) السابق هو تقييم سيئ ثم هبط الى أسوأ وهو B3، وفي جدول التعريفات الخاص بـ "موديز" يجرى وصف مجموعة B بأنها "ذات التزامات مخاطرها الائتمانية عالية".
أما حرف (C)، الذي ستنزلق مصر له مباشرة لو جرى تخفيض تصنيفها مجددا، فهو سيئ جدا ومحجوز للاقتصاديات المتهالكة مثل السلفادور وأنغولا وموزمبيق، وزعيمة الاقتراض وعدم السداد الأرجنتين، وهو سيناريو تقترب منه القاهرة.
وتخفيض موديز تصنيف مصر يعود إلى تراجع قدرتها على استيعاب الصدمات وانحسار الدعم الخارجي بينما يمر الاقتصاد بتغيرات هيكلية.
واستندت "موديز" في تخفيضها إلى تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي عن مستواه في مايو 2022 وكذلك تراجع صافي الأصول الأجنبية من ناحية أخرى، ما رأته يُزيد من هشاشة الاقتصاد المصري في مواجهة المتغيرات الخارجية.
وصفت الاقتصاد المصري بأنه عرضة للتأثر بالتغيرات الاقتصادية الهشة، وشككت في قدرة الحكومة على إدارة آثار التضخم والاضطرابات المجتمعية.
وقالت "موديز"، إنه على الرغم من الالتزام الواضح بسعر صرف مرن تماما، فإن قدرة الحكومة على إدارة الآثار المترتبة على التضخم والاستقرار الاجتماعي لم تتحقق بعد.
أشارت إلى تراجع احتياطات مصر من النقد الأجنبي (34.224 مليار دولار) بنسبة 16.5 بالمئة على أساس سنوي.
ومحاولة توفيره من الداخل بإصدار شهادات بعائد 25 بالمئة لوقف انخفاض قيمته من بداية عام 2022 من 15 لـ 30 جنيها للدولار الواحد (الدولار = 30,51 جنيه).
ورغم تحسن احتياطي النقد الأجنبي الطفيف لخمسة أشهر متتالية، بلغ العجز في صافي الأصول الأجنبية 494.3 مليار جنيه مقابل فائض قدره عشرة مليارات جنيه في يناير 2022.
ويمثل صافي الأصول الأجنبية الفارق بين الاستحقاقات والالتزامات بالعملة الأجنبية على القطاع المصرفي (البنوك والبنك المركزي).
إذ تمثل زيادة الاستحقاقات عن الالتزامات فائضا، في حين تمثل زيادة الالتزامات عن الاستحقاقات عجزا.
وتشرح موديز أن مصر مطالبة بسداد 20.4 مليار دولار خلال العام المالي 2024، من أصول الديون القائمة عليها والفوائد، و23.2 مليار في 2025، بجانب 26 مليار دولار قروض قصيرة الأجل.
وقد انخفضت الاحتياطيات السائلة إلى 26.7 مليار دولار، من 29.3 مليار دولار منذ أبريل 2022، بينما بلغ صافي الالتزامات الأجنبية 20 مليار دولار، مقارنة بـ 13 مليار دولار، بحسب "موديز".
وخلال افتتاحه مشروع مخابز للجيش في 9 فبراير 2023 قال السيسي: "لدينا فجوة دولارية بين الاحتياج والمتاح، بنحو 30 مليار دولار، ونحتاج لما يقرب من 7 سنوات وتحقيق عوائد صناعية بـ 100 مليار دولار لسد تلك الفجوة".
وبعد 24 ساعة من إعلان تصنيف "موديز" المنخفض أعلن رئيس الوزراء مصطفي مدبولي طرح 32 شركة مملوكة للدولة في البورصة أو لمستثمرين إستراتيجيين، بعدما قال في وقت سابق إنه سيجرى طرح 20 شركة فقط.
وتوقعت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية أن تتجاوز احتياجات مصر التمويلية خلال السنتين الماليتين الحالية والمقبلة 19 مليار دولار، و22.5 مليار دولار على التوالي بحسب موقع "فوربس" 8 فبراير 2023.
ويستثنى من هذا الرقم التزامات الديون الثنائية، التي تبلغ نحو 8 مليارات دولار خلال العام 2023، و6 مليارات دولار في عام 2024، مثل ودائع الحكومات الخليجية، التي رجحت الوكالة أن يجرى جديدها.
ورغم أن إستراتيجية الحكومة ببيع الأصول المملوكة للدولة، والتي ستساعد كجزء من برنامج صندوق النقد الدولي الجديد، في توليد تدفقات رأسمالية لمواجهة مدفوعات خدمة الدين الخارجية المتزايدة خلال 2023، هناك شكوك أن تحل المشكلة.
وكان لافتا أن "موديز" أبدت تخوفها من برنامج "الإصلاح" الذي قدمته الحكومة لصندوق النقد الدولي.
وأكدت أنه حتى ولو جلب النظام لمصري تدفقات دولارية كبيرة تقلل من احتياجها للديون، فهذه الإجراءات "ستستغرق وقتا لتقليل مخاطر الضعف الخارجية في مصر بشكل ملموس".
وتعاني مصر من أزمة اقتصادية طاحنة بعد هروب الأموال الساخنة بسبب التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية والتي أظهرت فشل إدارة السيسي للاقتصاد.
وانخفض الجنيه لمستوى تخطى 32 جنيها للدولار لأول مرة في تاريخه في 11 يناير 2023 وبعدها تعافى لمستويات بين 29.6 و29.9، ثم بدأ في الانخفاض مجددا ليصل لمستوى 30.55 جنيها للدولار.
وفقد الجنيه المصري قرابة 50 بالمئة من قيمته أمام الدولار خلال عام نتيجة ثلاثة تخفيضات، كان آخرها في يناير 2023.
وأدى انخفاض الجنيه المصري إلى ارتفاع التضخم، الذي وصل إلى أعلى مستوى في خمس سنوات بأكثر من 21 بالمئة في ديسمبر 2022، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل أسرع بنسبة 37 بالمئة، وفق موقع "فوربس".
آثار سلبية
ورأى موقع "بلومبيرغ الشرق" في 8 فبراير 2023 أن تخفيض وكالة موديز تصنيف مصر الائتماني من B2 إلى B3 يعكس 3 متغيرات هي: أولا، انخفاض الهوامش الوقائية الخارجية وقدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات.
وثانيا، انخفاض احتياطيات العملات الأجنبية السائلة منذ تغيير التوقعات إلى سلبية في مايو 2022.
وثالثا، تضاؤل السيولة الوقائية للعملات الأجنبية في النظام النقدي، وزيادة الضعف الخارجي في وقت تتصف فيه الظروف العالمية بأنها هشة.
ويؤكد موقع "انتربرايز" الاقتصادي 8 فبراير 2023 أنه "يمكن أن يشهد تصنيف مصر الائتماني المزيد من التخفيض إذا فشلت تعهدات الإصلاح أو إذا كان هناك تدهور كبير في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة أو الفوائد إلى الإيرادات".
ويري خبراء مال أن التصنيف الائتماني الجديد المنخفض لمصر معناه تخفيض تقييم قدرة النظام على سداد الديون. أما النظرة المستقبلية، فتعني أنه "مستقر"، أي أنه غالبا سيستمر نفس التصنيف (المتراجع) لفترة طويلة.
ويؤثر التصنيف الائتماني على قدرة الدول للوصول لأسواق الدين العالمية والاقتراض لأنه يعكس مستوى مخاطر أعلى وقدرة أقل على سداد الديون، وهو ما يزيد من قيود حصول مصر على قروض جديدة أو حصولها عليها بفائدة أعلى.
وقالت "موديز"، إنها ستنظر في رفع تصنيفها لمصر إذا أدت الإصلاحات الهيكلية إلى تحول نحو نموذج مستدام لتوليد العملات الأجنبية، وزيادة الصادرات غير النفطية وارتفاع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بدعم من التدفقات غير المرتبطة بالديون، وكذلك تحسين المؤشرات المالية.
لكنها بينت أنه "يمكن أن يشهد تصنيف مصر الائتماني المزيد من التخفيض إذا فشلت تعهدات الإصلاح أو إذا كان هناك تدهور كبير في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة أو الفوائد إلى الإيرادات".
ويوضح المحلل الاقتصادي مصطفى عبد السلام معنى "مستقرة" في تقرير موديز برغم تخفيض التصنيف بقوله: التوقع المستقبلي السلبي (وفق تقرير موديز في مايو 2022) معناها أن هناك احتمالية لخفض التصنيف الائتماني في الثلاث شهور القادمة على كتابة التقرير، وهو ما حدث في تصنيف فبراير 2023.
أما "التوقع المستقبلي المستقر" فمعناه أنه الاحتمال الأكبر أنه لا تغيير في التصنيف الائتماني لمدة ثلاثة شهور، أي بقاء تصنيف مصر (B3) ثلاثة شهور على الأقل، بحسب ما قال على حسابه في فيسبوك.
ووصف موقع "المونيتور" الأميركي في 8 فبراير 2023 تخفيض تصنيف مصر بأنه "ضربة أخرى يتعرض الاقتصاد لها" لأن "التصنيفات تشير إلى قدرة الكيانات على سداد التزامات ديونها"، وهو غير مؤكد في حالة القاهرة.
وأوضح أن وكالة موديز لم تخفض تصنيف مصر منذ عام 2013، لذا قد تشير هذه الخطوة إلى انخفاض ثقة المستثمرين الأجانب في المضي قدما في البلاد.